ما هو سر نجاح الشخصية ؟
سر نجاح شخصية المسلم الملتزم انه إنسان إيجابي يعيش في حركة فكرية ونفسية وجسدية بناءة، بعيداً عن السلوك التخريبى الهدام، رافضاً للتحجر والجمود، لا يرضى بالسلوك الانهزامي الذي يتهرب من نشاطات الحياة، ويبتعد عن مواجهة الصعاب، لان الاسلام يبني في الانسان المسلم الروح الايجابية التي تؤهله للعطاء وتنمي فيه القدرة على الانتاج والابداع، بما يفتح له من آفاق التفكير والممارسة، وبما يزوده به من بناء ذاتي، ودافع حركي، ليعده إعداد إنسانياً ناضجاً لممارسة الحياة بالطريقة التي يرسمها، ويخطط أبعادها الاسلام، لأن الحياة في نظر الاسلام: عمل، وبناء، وعطاء، وتنافس في الخيرات: ( ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات). (البقرة / 148).
فقد دأب الاسلام على جعل الحياة كلها مجالاً مباحاً للانسان يمارس فيها نشاطه، ويستثمر فيها طاقته وجهوده عدا ما حرم أليه من أشياء ضارة, أو ممارسات هدامه _ فالمسلم أينما توجه يجد المجال الرحب، والمتسع الذي يستوعب كل جهوده وطاقاته ونشاطه، دون أن يجد الزواجر السلبية، أؤ يواجه النواهي التي تقتل قابلياته وطاقاته، أو تشل وعيه وإرادته.
وبذا يبقى طاقة حية، وقوة بناءة، تساهم في تجسيد مضامين الخير، وتشارك في العطاء و العمل.
وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو يصف هذه الشخصية بقوله: ( فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً في علم، وعلماً في حلم، وقصداً في غنى، وخشوعاً في عبادة، وتجملاً في فاقة، وصبراً في شدة وطلباً في حلال، ونشاطاً في هدىً، وتحرجاً عن طمع.
يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر يبيت حذراً ويصبح فرحاً، حذراً لما حذر من الغفلة، فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب، قوة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيداً فحشه، ليناً قوله: غائباً منكره، حاضراً معروفه، مقبلاً خيره: مدبراً شره، في الزلازل وقور: وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب.
جب الألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق، إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغي عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له.
نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه، بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، وذنوه ممن دنا منه لين ورحمة ليس تباعده بكبر وعظمة، ولانوه بمكرٍ وخديعة).